سورة لقمان - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (لقمان)


        


{يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)} [لقمان: 31/ 33- 34].
هذا خطاب إلهي عام لجميع الناس بالأمر بتقوى اللّه عز وجل، وذلك بالقيام بالفرائض والطاعات، واجتناب المناهي والمحظورات، والأمر بخشية اللّه وعظمته وسلطانه، والخوف من الحساب يوم القيامة، ذلك اليوم الذي لا يغني فيه والد عن ولد، ولا يدفع عنه شيئا، وكذلك لا يفيد المولود والده شيئا، حتى لو أراد أن يفديه بنفسه لم يقبل منه، لأنه لا يشفع أحد في غيره إلا بإذن من الله، كما قال اللّه تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 2/ 255]. {ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس: 10/ 3].
ولا يفيد في ذلك اليوم إلا العمل الصالح المقدّم في الدنيا.
ولا يشك أحد في حدوث ذلك اليوم، فإن وعد اللّه بالقيامة والحساب والجزاء أمر منجز ومؤكد الحصول، فلا تخدعنكم أيها الناس زخارف الحياة الدنيا، فتطمئنوا فيها، وتميلوا إليها، تاركين الاستعداد للآخرة، ولا يخدعنكم الشيطان بحلم الله وإمهاله، والاعتماد على الأماني والتعرض للمغفرة، وعدم الاكتراث بالمعصية، ونسيان الآخرة، كما جاء في آية أخرى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً} [النساء: 4/ 121]. والغرور: الشيطان، في تفسير مجاهد والضحاك، أو هو الأمل والتسويف، أو التطميع بما لا يحصل.
وقال سعيد بن جبير: معنى الآية أن تعمل المعصية وتتمنى المغفرة.
ثم أخبر اللّه تعالى عن اختصاصه بالعلم بمفاتيح الغيب الخمسة، فلا يعلم بها أحد إلا الله، وإن شاء أعلم بها سواه وهي:
- العلم بتوقيت حدوث يوم القيامة، فلا يعلم أحد وقت ذلك اليوم، لا ملك مقرّب، ولا نبي مرسل.
- وإنزال الغيث، أي المطر، فلا يعلم أحد بوقت نزول المطر ومكانه بالضبط، فإن أمر اللّه به، علمه الملك الموكل بإنزاله وهو ميكائيل أو غيره.
- والعلم بخواص الأجنة في الأرحام من طبائع وصفات وتمام خلقه ونقصها، وأما معرفة الذكورة والأنوثة بالتجربة أو بالتصوير أو بالتحليل الحديث، فلا يغير شيئا من علم اللّه بجملة المعلومات المتعلقة بالجنين.
- والعلم بمكاسب النفس وما تجنيه من خير أو شر في يوم غد، في الدنيا والآخرة.- والعلم بموضع موت النفس، في بلدها أو في غيرها من البلاد، وختم الله بيان هذه المواضع الخمسة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أي إن علم اللّه علم شامل مطلق، لا يختص بهذه الأمور الخمسة، بل إنه سبحانه عليم بكل ظاهر وباطن، خبير بكل ما يتعلق بالأشياء.
وسبب نزول هذه الآية: هو ما أخرج ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: جاء رجل من أهل البادية هو الحارث بن عمرو، فقال: إن امرأتي حبلى فأخبرني بما تلد، وبلادنا مجدبة، فأخبرني متى ينزل الغيث، وقد علمت متى ولدت، فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الآية.

1 | 2 | 3 | 4